صيام الدّهر – الشیخ عادل الشعلة

بسم الله الرحمن لرحيم

 

صيام الدّهر

عادل الشّعلة البحراني

 

خلاصة البحث:

اتفق الفقهاء على ندبية صيام ثلاثة أيام من كلّ شهر، كما اتفقوا على أمرين متفرع عن ذلك: الأوّل: أنّ الثلاثة هي: أربعاء وخميسان، والثاني: أنّ أول خميس من عشرة الشهر هي الأولى، غير أنّهم اختلفوا في أمرين اثنين أيضا: الأول: في أنّ الأربعاء، هل هي الأولى من العشرة الثانية أم الأخيرة؟ والثاني في أنّ الخميس في العشرة الأخيرة هل هي الأولى أم الأخيرة؟ وسيتبين للقارئ أنّ الأرجح هو ما ذهب إليه المشهور من كون الثلاثة هي: أول خميس من كلّ شهر، وآخر خميس منه، وأوّل أربعاء في العشر الثاني.

 

 

الحمد لله الذي له الخلق والأمر، وهو أحسن الخالقين، وصلى الله على محمد خاتم النبيين وآله الطاهرين الأبرار أجمعين.

وبعد، لا يخفى بأنّ الموضوعات تكتسب أهميتها من مكانتها في تعاليم الدين الحنيف، وتأثيرها في كمال الإنسان وإيصاله إلى غايته، والنّاظر في نصوص الثّقلين يجد بأنّ لصيام التّطوع مكانة سامية وأهمية خاصة، منها علاقته بصوم الفرض، ودوره في تتميم ما عرض عليه من خلل أو نقص، فعَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: «سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْأَوَّلَ (عَلَيْهِ السَّلامُ) كَيْفَ صَارَ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِباً؟ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَتَمَّ صَلَاةَ الْفَرِيضَةِ بِصَلَاةِ النَّافِلَةِ. وَأَتَمَّ صِيَامَ الْفَرِيضَةِ بِصِيَامِ‏ النَّافِلَةِ. وَأَتَمَّ وُضُوءَ الْفَرِيضَةِ بِغُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، مَا كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ سَهْوٍ أَوْ تَقْصِيرٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ نُقْصَانٍ»[1].

ومن أهم خصائص الصيام وأعظمها ما أشار إليها تعالى بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[2]، وصيام التّطوع باعتباره عبادة من العبادة رافد لهذه الخصيصة ومدعم لها،  وأنّ المتطوع بالصّيام أضمن لتحقيق غرض التقوى من غيره، كيف لا وهو ممن استجاب لنداء: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[3].. في أبعاد كثيرة منها: أنكم تتقون أثر الذنوب بالمغفرة كما ورد عَنْ غِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيه،ِ عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ):‏ «مَنْ صَامَ يَوْماً تَطَوُّعاً ابْتِغَاءَ ثَوَابِ اللَّهِ وَجَبَتْ لَهُ الْمَغْفِرَةُ»[4].

وتتقون النّار بالجنة كما ورد عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ): قَالَ أَبِي‏: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَصُومُ‏ يَوْماً تَطَوُّعاً يُرِيدُ مَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُدْخِلُهُ اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ»[5].

هذه المكانة دفعت بالباحث إلى اختيار موضوع صيام التّطوع، ودراسة أهم مصاديقه، وقد بذل جهده –القاصر- في استقصاء النصوص الشّريفة، وتتبع أقوال الأعلام، محاكما ومناقشا ما اقتضى ذلك، سائلا المولى التوفيق والهداية إلى الصواب في تعلم أحكام دينه القويم.    

ومن الواضح استحباب صوم ثلاثة أيام من كلّ شهرٍ، آكد مما سواها، والشّارع حثّ على فعلها بخصوصها، وكذا على تعيينها في أخبار مستفيضة.

والكلام يقع في عدد من النّقاط:

النّقطة الأولى: في ندبية صيام ثلاثة أيام في كلّ شهر.

ومن الأخبار النّادبة إلى ذلك:

  1. عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) يَقُولُ: «صِيَامُ‏ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ‏ مِنَ الشَّهْرِ: صِيَامُ الدَّهْرِ، وَيَذْهَبْنَ بِوَسَاوِسِ الصَّدْرِ، وَبَلَابِلِ الْقَلْبِ[6]»[7].
  2. عَنْ ‏مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) -فِي حَدِيثٍ-، قَالَ: «ثُمَّ صَامَ يَوْمَيْنِ، وَأَفْطَرَ يَوْماً، وَكَانَ ذَلِكَ صَوْمَ دَاوُدَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: ثُمَّ صَامَ يَوْماً وَأَفْطَرَ يَوْماً. قَالَ: ثُمَّ آلَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى صِيَامِ‏ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ‏ فِي كُلِّ شَهْرٍ»[8].
  3. عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ): أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) قَالَ: «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْبُلْهَ، يَعْنِي بِالْبُلْهِ: الْمُتَغَافِلَ عَنِ الشَّرِّ الْعَاقِلَ فِي الْخَيْرِ، وَالَّذِينَ يَصُومُونَ‏ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ»[9]. ورواه الصّدوقُ[10].
  4. عَنْ عَلِيّ بنِ عَمَّارٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ)‏: «﴿مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها﴾[11]، مِنْ ذَلِكَ: صِيَامُ‏ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ‏ فِي كُلِّ شَهْر»[12].
  5. مرفوعة الحسين بن سعيد، عن أمير المؤمنين (عَلَيْهِ السَّلامُ) قال:‏ «صِيَامُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ، يَذْهَبْنَ بَلَابِلِ الصُّدُورِ، وَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ صِيَامُ الدَّهْرِ ﴿مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها﴾[13]»[14].

وروى العياشي أيضا مثله مع اختلاف طفيف في العبارات عن عبد الله الحلبي[15]، والصَّدُوقِ بإسنادين إلى الْحَلَبِيّ[16]، والثّاني خال من ذكر الآية.

  1. عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ –في حديث متحدّثاً عَنْ أبي الحسن الرِّضا (عَلَيْهِ السَّلامُ)-: «وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ، فَلَا يَفُوتُهُ صِيَامُ‏ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ‏ فِي الشَّهْرِ. وَيَقُولُ: ذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ. وَكَانَ (عَلَيْهِ السَّلامُ) كَثِيرَ الْمَعْرُوفِ وَالصَّدَقَةِ فِي السِّرِّ، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْهُ فِي اللَّيَالِي الْمُظْلِمَةِ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَأَى مِثْلَهُ فِي فَضْلِهِ فَلَا تصدق [تُصَدِّقْهُ‏]»[17].
  2. عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ) قَالَ: «إِذَا صَامَ أَحَدُكُمُ‏ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامِ مِنَ الشَّهْرِ، فَلَا يُجَادِلَنَّ أَحَداً وَلَا يَجْهَلْ، وَلَا يُسْرِعْ إِلَى الْحَلْفِ وَالْأَيْمَانِ بِاللَّهِ، فَإِنْ جَهِلَ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَلْيَتَحَمَّلْ»[18].

 

النقطة الثانية: في تعيين الثلاثة المندوب إليها في كل شهر.

اتفق الأعلام على أنّ الثلاثة المندوبة في كلّ شهر هي: أربعاء وخميسان، واتفقوا على أول خميس من عشرة الشهر الأولى، واختلفوا في أمرين: الأول: في الأربعاء، وهل هي الأولى من العشرة الثانية أم الأخيرة. والثاني في أنّ الخميس في العشرة الأخيرة هل هي الأولى أم الأخيرة، وإليك بيان طوائف الأخبار المعينة لهذه الثلاثة أولا، ثمّ نستعرض أقوال الفقهاء ومدرك كل قول منها:

أما طوائف الأخبار المعيّنة لهذه الثلاثة فهي ستّ:

الطائفة الأولى: وهي التي بينت كون الثلاثة: أربعاء بين خميسين وأجملت هذه الثلاثة، ومن هذه الطائفة الروايات الآتية:

  1. قَالَ زَيْدٌ الزَّراد: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «صَامَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) شَعْبَانَ، وَوَصَلَهُ بِشَهْرِ رَمَضَانَ، وَصَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَرْبِعَاءَ بَيْنَ‏ خَمِيسَيْنِ‏، فَذَلِكَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) الَّتِي‏ مَضَى عَلَيْهَا، وَهِيَ‏ تَمَامٌ لِصَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ»[19].
  2. عَنِ الحّرَّانِيّ: عَنْ أَميرِ الْمُؤْمِنينَ (عَلَيْهِ السَّلامُ) في آدابه لأصحابه -وهي أربعمائة باب للدين والدنيا، جاء فيه-: «صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَ صَوْمُ شَعْبَانَ يَذْهَبُ بِوَسْوَاسِ الصَّدْرِ وَ بَلَابِلِ‏ الْقَلْب[20] -إلى أن قال:- صُومُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، فَهِيَ تَعْدِلُ صَوْمَ الدَّهْرِ، وَنَحْنُ نَصُومُ خَمِيسَيْنِ وَأَرْبِعَاءَ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءَ، فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ مِنْهَا»[21].

ورواه الصَّدُوقُ بإسناده[22].

 

الطائفة الثانية: وهي التي بيّنت كون الثلاثة: أربعاء بين خميسين في العشرات دون تعيين، ومن هذه الطائفة الروايات الآتية:

  1. عنِ الْعَيَّاشيِ في مرسلته ومضمرته عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: «سَأَلْتُهُ كَيْفَ يُصْنَعُ‏ فِي‏ الصَّوْمِ‏ صَوْمِ السُّنَّةِ؟ فَقَالَ: صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ: خَمِيسٍ مِنْ عَشْرٍ، وَأَرْبِعَاءَ مِنْ عَشْرٍ، وَخَمِيسٍ مِنْ عَشْرٍ، وَالْأَرْبِعَاءُ بَيْنَ خَمِيسَيْنِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ:﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها[23]، ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ صَوْمُ الدَّهْرِ»[24].

وفي نقل الوسائل لا تُوجد واو في «الْأَرْبِعَاءُ بَيْنَ خَمِيسَيْنِ»[25].

ويؤيد وجود الواو أنّ البحراني نقل النّص كما في تفسير العياشي[26].

  1. عَن أَحْمَد بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ قَالَ: «سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلامُ) عَنِ الصِّيَامِ فِي الشَّهْرِ، كَيْفَ هُوَ؟ قَالَ: ثَلَاثٌ فِي الشَّهْرِ، فِي كُلِّ عَشْرٍ يَوْمٌ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها﴾[27]، ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ صَوْمُ الدَّهْرِ»[28]. ورواه الصدوق أيضا[29].

النّص أجمل الأيام ولكن ذكر كون كل يوم منها في أحد العشرات، ويُمكن رفع الإجمال بما مر في الطائفة الأولى.

  1. عَنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ) قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) أَوَّلَ مَا بُعِثَ يَصُومُ حَتَّى يُقَالَ: مَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى يُقَالَ: مَا يَصُومُ. ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ وَصَامَ يَوْماً وَأَفْطَرَ يَوْماً، وَهُوَ صَوْمُ دَاوُدَ (عَلَيْهِ السَّلامُ)، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ وَصَامَ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامِ الْغُرِّ، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ، وَفَرَّقَهَا فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَوْمَا خَمِيسَيْنِ بَيْنَهُمَا أَرْبِعَاءُ، فَقُبِضَ (عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلَامُ)، وَهُوَ يَعْمَلُ ذَلِكَ»[30].
  2. عَنِ زُرَارَةَ قَالَ: «قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ): بِمَا جَرَتِ السُّنَّةُ مِنَ الصَّوْمِ؟ فَقَالَ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ، الْخَمِيسُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَّلِ، وَالْأَرْبِعَاءُ فِي الْعَشْرِ الثَّانِي، وَالْخَمِيسُ فِي الْعَشْرِ الْآخِرِ. قَالَ: قُلْتُ: هَذَا جَمِيعُ مَا جَرَتْ بِهِ السُّنَّةُ فِي الصَّوْمِ؟ قَالَ: نَعَمْ»[31].
  3. عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ قَالَ: «سَأَلَ الْمَأْمُونُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلامُ) أَنْ يَكْتُبَ لَهُ مَحْضَ الْإِسْلَامِ عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَازِ وَ الِاخْتِصَارِ فَكَتَبَ (عَلَيْهِ السَّلامُ) لَه –ومنه-‏: وَصَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ سُنَّةٌ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَوْمٌ أَرْبِعَاءُ بَيْنَ‏ خَمِيسَيْنِ‏ وَ صَوْمُ شَعْبَانَ حَسَنٌ لِمَنْ صَامَهُ »[32].
  4. عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ):‏ «أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الصَّوْمِ فِي الْحَضَرِ؟ فَقَالَ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ: الْخَمِيسُ مِنْ جُمْعَةٍ، وَالْأَرْبِعَاءُ مِنْ جُمْعَةٍ، وَالْخَمِيسُ مِنْ جُمْعَةٍ أُخْرَى. وَقَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلامُ): صِيَامُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، يَذْهَبْنَ بِبَلَابِلِ الصُّدُورِ[33] وَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صِيَامُ الدَّهْرِ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها﴾[34]»[35].

والمراد من الأسبوع هو كل عشرة أيام كما يُشير إليه خبر الصّدوق، والذي يظهر بأنّه عين الخبر السّابق، فعَنِ الْحَلَبِيِ‏ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقَ (عَلَيْهِ السَّلامُ): «عَنِ الصَّوْمِ فِي الْحَضَرِ؟ فَقَالَ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ الْخَمِيسُ مِنْ جُمْعَةٍ، وَالْأَرْبِعَاءُ مِنْ جُمْعَةٍ، وَالْخَمِيسُ مِنْ جُمْعَةٍ. فَقَالَ لَهُ الْحَلَبِيُّ: هَذَا مِنْ كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَوْمٌ. قَالَ: نَعَمْ. وَقَدْ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلامُ): صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبْنَ بَلَابِلَ الصُّدُورِ. إِنَّ صِيَامَ‏ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ‏ فِي كُلِّ شَهْرٍ يَعْدِلُ صِيَامَ الدَّهْرِ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها﴾[36]»[37].

وبيانات هذه الطائفة يفسّر إطلاقات روايات الطائفة الأولى، وأنّ معنى: “أربعاء بين خميسين”: أنّ كلّ واحد من هذه الأيام الثلاثة في عشرة من أيام الشّهر.

 

الطائفة الثالثة: وهي التي بينت كون الثلاثة: أربعاء بين خميسين، وأن الخميس الأول هو الأول من الشّهر، وأنّ الخميس الثاني هو الأخير منه، وأجملت الأربعاء الأوسط، كما في الطوائف السابقة، ومن هذه الطائفة الرّوايات الآتية:

  1. عَنْ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ) قَالَ: «يَا يَسَارُ، وَمَا تَدْرِي مَا صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؟ قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا أَدْرِي؟ مَا أَدْرِي؟ قَالَ: أَتَى بِهَا الهاني‏ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) حِينَ قُبِضَ: أَوَّلُ خَمِيسٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَأَرْبِعَاءُ فِي أَوْسَطِهِ وَخَمِيسٌ فِي آخِرِهِ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ‏: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها﴾[38]، هُوَ الدَّهْرَ صَائِمٌ لَا يُفْطِرُ، ثُمَّ قَالَ: مَا أَغْبَطَ عِنْدِيَ الصَّائِمَ يَظَلُّ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَيَمْشِي[39]، وَيَشْتَهِي الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ. إِنَّ الصَّوْمَ نَاصِرٌ لِلْجَسَدِ، حَافِظٌ وَرَاعٍ لَه‏»[40].
  2. عَن زُرَارَةَ قَالَ: «سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ) عَنْ أَفْضَلِ مَا جَرَتْ بِهِ السُّنَّةُ فِي التَّطَوُّعِ مِنَ الصَّوْمِ؟ فَقَالَ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ: الْخَمِيسُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَالْأَرْبِعَاءُ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ، وَالْخَمِيسُ فِي آخِرِ الشَّهْرِ. قَالَ: قُلْتُ لَهُ: هَذَا جَمِيعُ مَا جَرَتْ بِهِ السُّنَّةُ فِي الصَّوْمِ فَقَالَ نَعَمْ»[41].
  3. عَن عَنْبَسَةَ الْعَابِدِ، قَالَ‏[42]: «قُبِضَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) عَلَى صَوْمِ شَعْبَانَ، وَرَمَضَانَ، وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ: أَوَّلِ خَمِيسٍ، وَأَوْسَطِ أَرْبِعَاءَ، وَآخِرِ خَمِيسٍ. وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلامُ) يَصُومَانِ ذَلِكَ»[43].
  4. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ) يَقُولُ‏: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) يَصُومُ حَتَّى يُقَالَ: لَا يُفْطِرُ، ثُمَّ صَامَ يَوْماً وَأَفْطَرَ يَوْماً، ثُمَّ صَامَ الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ، ثُمَّ آلَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ: الْخَمِيسِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَأَرْبِعَاءَ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ، وَخَمِيسٍ فِي آخِرِ الشَّهْرِ. وَكَانَ يَقُولُ: ذَلِكَ‏ صَوْمُ‏ الدَّهْرِ. وَقَدْ كَانَ أَبِي (عَلَيْهِ السَّلامُ) يَقُولُ: مَا مِنْ أَحَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ رَجُلٍ‏ يُقَالُ لَهُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) يَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: لَا يُعَذِّبُنِي اللَّهُ عَلَى أَنْ أَجْتَهِدَ فِي الصَّلَاةِ، كَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) تَرَكَ شَيْئاً مِنَ الْفَضْلِ عَجْزاً عَنْهُ»[44]. ورواه الصَّدُوقِ[45].

ومن الواضح أنّ هذه الطائفة تفترق عن سابقتها في تبيين أوليّة الخميس الأولى وآخرية الثانية، مما يعني حمل هذه الطائفة على سابقتها لتقييد العشرتين الأولى والأخيرة فيها بالأوّلية والآخرية في هذه الطائفة.

 

الطائفة الرابعة: وهي التي بينت كون الثلاثة: أربعاء بين خميسين، وأن الخميس الأول هو الأول، وأنّ الخميس الثاني هو الأخير، وأنّ الأربعاء هي الوسطى الأقرب إلى النّصف، فعَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي فَوَجَدْتُ فِي أَكْثَرِهَا خَلَلًا وَنُقْصَاناً فَجَعَلْتُ مَعَ كُلِّ فَرِيضَةٍ مِثْلَيْهَا نَافِلَةً لِيَكُونَ مَنْ أَتَى بِذَلِكَ قَدْ حَصَلَتْ لَهُ الْفَرِيضَةُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَسْتَحْيِي أَنْ يَعْمَلَ لَهُ الْعَبْدُ عَمَلًا فَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ الثُّلُثَ. فَفَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) أَرْبَعاً وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً. وَفَرَضَ اللَّهُ صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) صِيَامَ سِتِّينَ يَوْماً فِي السَّنَةِ لِيَكْمُلَ فَرْضُ الصَّوْمِ، فَجَعَلَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ خَمِيساً فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْهُ، وَهُوَ أَوَّلُ خَمِيسٍ فِي الْعَشْرِ، وَأَرْبِعَاءَ فِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ مِنْهُ، وَهُوَ أَقْرَبُ‏ إِلَى‏ النِّصْفِ‏ مِنَ الشَّهْرِ، وَرُبَّمَا كَانَ النِّصْفُ بِعَيْنِهِ، وَآخِرَ خَمِيسٍ فِي الشَّهْرِ»[46].

وهذا النّص من هذه الطائفة بناء على هذا النّقل من الحرّ العاملي للخبر، وإلاّ فليس منها إن قلنا بأنّ الذّيل من كلام المفيد (رحمه الله)، وأنّ النّص النّبوي فقط إلى قوله: «فَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ الثُّلُثَ». ويمكن استظهار ذلك لمن راجع الأصل، حيث يظهر من سياق الكلام: أنّ المفيد (رحمه الله) بقوله في بداية كلامه: «واعلم رحمك الله أنَّ اللهَ تعالى أكمل صيام الفرض بالتطوع كما أكمل صلاة الفرض بالتطوع وذلك أنه‏ رُوي»[47]، ثمّ ذكر الخبر، كان في صدد الاستشهاد بالنّص لإثبات جبران النوافل للفرائض، وأنّ فاء التّفريع في قوله: «ففرض الله تعالى» هي تكملة لكلامه التي ابتدأه قبل النّص، لا من النّص نفسه، وقول المفيد (رحمه الله): «وقد تقدم‏ شرح ذلك»، بعد قوله: «وسن رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) أربعا وثلاثين ركعة»، قرينة أُخرى على كون الكلام منه لا كلام النّص.

ويؤيده ما عَنِ ابنِ حيّون الْمَغْرِبيّ، قَالَ: رَوَيْنَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلامُ) أَنَّهُ قَالَ: «وَأَمَّا مَا يَلْزَمُ فِي كُلِّ سَنَةٍ: فَصَوْمُ شَهْرٍ مَعْلُومٍ مَرْدُودٍ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ الشَّهْرُ كُلَّ سَنَةٍ، وَهُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ. وَمِنَ الصَّوْمِ سُنَّةٌ، وَهِيَ: مِثْلَا الْفَرِيضَةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يَوْمٌ مِنْ كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، أَرْبِعَاءُ بَيْنَ‏ خَمِيسَيْنِ،‏ أَوَّلُ خَمِيسٍ يَكُونُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، وَالْأَرْبِعَاءُ الَّذِي يَكُونُ أَقْرَبَ إِلَى نِصْفِ الشَّهْرِ، ثُمَّ الْخَمِيسُ الَّذِي فِي آخِرِ الشَّهْرِ، الَّذِي لَا يَكُونُ فِيهِ خَمِيسٌ بَعْدَهُ، وَيَصُومُ شَعْبَانَ فَذَلِكَ مِثْلَا الْفَرِيضَةِ»[48].

وبهذه الطائفة يرتفع إجمال الأربعاء الوسطى في الطوائف السابقة، وأنّها الأقرب إلى الوسط.

 

الطائفة الخامسة: وهي التي بيّنت كون الثلاثة: أربعاء بين خميسين، وأن الخميس الأول هو الأول من الشّهر، وأنّ الخميس الثاني هو الأخير منه، وأنّ الأربعاء هي الوسطى الأولى من العشرة، كما عَنِ الكُلينيِّ، عَنْ الْحُسَيْنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْوَشَّاءِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ) قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ‏: «صَامَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) حَتَّى قِيلَ مَا يُفْطِرُ ثُمَّ أَفْطَرَ حَتَّى قِيلَ: مَا يَصُومُ، ثُمَّ صَامَ صَوْمَ دَاوُدَ (عَلَيْهِ السَّلامُ) يَوْماً وَيَوْماً لَا، ثُمَّ قُبِضَ عَلَى صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ. قَالَ: إِنَّهُنَّ يَعْدِلْنَ صَوْمَ الشَّهْرِ[49]، وَيَذْهَبْنَ بِوَحَرِ الصَّدْرِ، وَالْوَحَرُ الْوَسْوَسَةُ. قَالَ حَمَّادٌ: فَقُلْتُ: وَأَيُّ الْأَيَّامِ هِيَ؟ قَالَ: أَوَّلُ خَمِيسٍ فِي الشَّهْرِ، وَأَوَّلُ‏ أَرْبِعَاءَ بَعْدَ الْعَشْرِ مِنْهُ، وَآخِرُ خَمِيسٍ فِيهِ. فَقُلْتُ: كَيْفَ صَارَتْ هَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي تُصَامُ؟ فَقَالَ: إِنَّ مَنْ قَبْلَنَا مِنَ الْأُمَمِ كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَى أَحَدِهِمُ الْعَذَابُ نَزَلَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) هَذِهِ الْأَيَّامَ الْمَخُوفَةَ»[50].

ورواه الصَّدُوقِ بإسناد آخر، بتغيير طفيف في بعض الألفاظ[51].

وهذه الطائفة تُحدد آلية لتشخيص الأقربية، وأنّ الأولى هي الأقرب إلى الوسط دائماً، باستثناء حالة كون الأحد بداية الشهر، فإنّ الأربعاء الأولى والثانية متساويتين، وتأتي هذه الطائفة لتحدد كون الأولى هي الأولى.

        

الطائفة السادسة: وهي التي ذكرت الأربعاء منفردة، ومن روايات هذه الطائفة:

  1. عَنْ حَرِيزٍ قَالَ: «قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ): مَا جَاءَ فِي الصَّوْمِ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ؟ فَقَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلامُ): إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ النَّارَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، فَأَوْجَبَ صَوْمَهُ لِيُتَعَوَّذَ بِهِ مِنَ النَّارِ»[52].

ورواه الصَّدُوقِ بسند مغاير في بعض الوسائط، وفيهِ: «فَأَحَبَّ صَوْمَهُ لِيُتَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ»[53].

  1. عَنِ يَسَارِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: «قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ): لِأَيِّ شَيْ‏ءٍ يُصَامُ الْأَرْبِعَاءُ؟ قَالَ: لِأَنَّ النَّارَ خُلِقَتْ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ»[54].

ويمكن حمل ما دل على صيام الأربعاء المطلق على المفصّل[55]، ويدل على حمله على المذكور أمران:

الأول: عدم ذكر الأصحاب استحبابه مطلقا.

الثاني: تأييد روايات بينت تعليل صيام الأربعاء وحددته بالأوسط، مثل ما عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «قُلْتُ: لِمَ تَصُومُونَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ مِنْ وَسَطِ الشَّهْرِ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يُعَذَّبْ قَوْمٌ قَطُّ إِلَّا فِي أَرْبِعَاءَ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ، فَنَرُدُّ عَنَّا نَحْسَهُ»[56].

وعَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ)‏: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) سُئِلَ عَنْ صَوْمِ خَمِيسَيْنِ بَيْنَهُمَا أَرْبِعَاءُ؟ فَقَالَ: أَمَّا الْخَمِيسُ، فَيَوْمٌ تُعْرَضُ فِيهِ الْأَعْمَالُ. وَأَمَّا الْأَرْبِعَاءُ، فَيَوْمٌ خُلِقَتْ فِيهِ النَّارُ. وَأَمَّا الصَّوْمُ فَجُنَّةٌ مِنَ النَّارِ»[57].

ورواه الصَّدُوقِ في أكثر من كتاب[58].

وعنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ) قَالَ قَالَ: «إِنَّمَا يُصَامُ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ، لِأَنَّهُ لَمْ تُعَذَّبْ أُمَّةٌ فِيمَا مَضَى إِلَّا فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ، وَسَطِ الشَّهْرِ، فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَامَ ذَلِكَ الْيَوْمُ»[59].

 

أقوال العلماء:

وأما أقوال الفقهاء ومدركها، فهي كما يلي:

القول الأول: للمشهور، وهو ما تعرضت إليه الطوائف المذكورة من كون الأيام الثلاثة هي: أول خميس في العشر الأوّل، وأوّل أربعاء في العشر الثاني، وآخر خميس في العشر الأخير، وإليك أمثلة من هذه الأقول:

  1. قال المفيد: «وسنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) صيام ستين يوما في السنة، ليكمل فرض الصوم، فجعل في كل شهر ثلاثة أيام: خميسا في العشر الأول منه -وهو أول خميس في العشر- وأربعاء في العشر الأوسط منه –وهو أقرب إلى النصف من الشهر، وربما كان النصف بعينه- وآخر خميس في الشهر»[60].
  2. وقال القاضي ابن البرّاج: «وأما المندوب فهو ضربان: أحدهما: مشدّد فيه على وجه التأكيد. والآخر: غير مشدّد فيه، فأما المشدد فيه فهو: صوم رجب كله، وأول يوم منه، –إلى أن قال:- وثلاثة أيام من كل شهر: أربعاء، وخميسين، أول خميس في الشهر، وأول أربعاء يكون في العشر الثاني، وآخر خميس في الشهر»[61].
  3. وذكر ابن زهرة الحلي في تعداد الصوم المندوب المعيّن «ثلاثة أيام في كل شهر: أول خميس منه، وأول أربعاء في العشر الأوسط منه، وآخر خميس منه»[62].
  4. وقال المحقق الحلي: «صوم ثلاثة أيام في الشهر مستحب، مندوب إليه، مرغب فيه. وهو أول خميس في العشر الأول، وأول أربعاء في العشر الثاني، وآخر خميس في العشر الأخير. فينبغي أن لا يتركه الإنسان مع الاختيار»[63].
  5. وقال أبو المجد الحلي في تعداد الصوم المندوب: «والثلاثة الأيام من كلّ شهر: أول خميس في عشرة الأول، وأول أربعاء في عشرة الثاني، وآخر خميس في عشرة الأخير»[64].
  6. وقال يحيى بن سعيد الحلي: والمسنون «لوقت مثل صوم ثلاثة أيام من الشهر، أول خميس في العشر الأول، وأول أربعاء في الثاني، وآخر خميس في الثالث»[65].
  7. وقال العلامة الحلي: «يستحبّ صيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر، وهي: أوّل خميس في الشهر، وأوّل أربعاء في العشر الثاني منه، وآخر خميس في العشر الأخير»[66].
  8. وقال ابن طي الفقعاني: «والمؤكد منه: أول خميس من الشهر، وآخر خميس، وأول أربعاء من العشر الثاني»[67].
  9. وقال الشّهيد الأوّل: «ومندوب، وهو أيّام السنة إلَّا ما يستثنى -ولا يجب بالشروع – وآكده أوّل خميس من كلّ شهر ، وآخر خميس منه ، وأوّل أربعاء في العشر الثاني»[68].
  10. وقال الشّهيد الثّاني: «يستحب من الصوم على الخصوص أول خميس من الشهر، وآخر خميس منه، وأول أربعاء من العشر الأوسط»[69].
  11. وقال المحقق الكركي: «ومندوب: وهو جميع أيام السنة إلا ما يستثنى، والمؤكد: أول خميس من كل شهر، وآخر خميس منه، وأول أربعاء في العشر الثاني، ويقضي مع الفوات، ويجوز التأخير إلى الشتاء، ويستحب الصدقة عن كل يوم بمد أو درهم مع العجز»[70].

 

القول الثّاني: لابن فهد الحلي، قال: «وأما المندوب: فجميع أيام السنة إلا ما منع منه، والمؤكد سبعة عشر: أول خميس في العشر الأول، وآخر خميس في الأخير، وأول أربعاء في العاشر الثاني. ولو صادف الثالث والعشرين يوم الخميس صامه، فإنّ تم الشهر صام الآخر»[71].

وقوله (رحمه الله) ليس مخالفا لما ذهب إليه المشهور، وصيام الخميس الثاني عند موافقته للتاريخ المذكور لاحتمالية كونه الأخير في شهر غير تام، ولذا يصومه إن تبيّن تمامه. ولعل وجهه ما في مرسلة الصّدُوقِ، قال: وَرُوِيَ أَنَّهُ سُئِلَ الْعَالِمُ (عَلَيْهِ السَّلامُ): «عَنْ خَمِيسَيْنِ يَتَّفِقَانِ فِي آخِرِ الْعَشْرِ؟ فَقَالَ: صُمِ الْأَوَّلَ، فَلَعَلَّكَ لَا تَلْحَقُ‏ الثَّانِيَ‏»[72].

إن قُلتَ: قد ورد صريحا أفضلية الخميس الأخيرة عند اجتماع خميسين، كما عَنِ الْكُليْنِيّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ زِيَادٍ الْقَنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلامُ)‏: «إِذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ خَمِيسَانِ،‏ فَصُمْ أَوَّلَهُمَا، فَإِنَّهُ أَفْضَلُ. وَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ خَمِيسَانِ،‏ فَصُمْ آخِرَهُمَا فَإِنَّهُ أَفْضَلُ»[73].

قال الباحثُ:

أولاً: إنّ طريق الكليني وإن كان ضعيفا لجهالة، وواقفية زياد القندي و”خبثه، وأنه جحد حق الإمام علي بن موسى (عليه السلام) مع استيقانه في نفسه”[74]، إلاّ أنّ الصّدوق رواها في من لا يحضره الفقيه عن عبد الله بن سنان[75]، وطريقه إليه صحيح، فقد قال في مشيخته: «وما كان فيه عن‏ عبد اللّه‏ بن‏ سنان‏ فقد رويته عن أبي (رضي اللّه عنه)، عن عبد اللّه بن جعفر الحميريّ، عن أيّوب بن نوح، عن محمّد بن أبي عمير، عن‏ عبد اللّه‏ بن‏ سنان‏، وهو الّذي ذكر عند الصّادق (عليه السّلام) فقال: «أما إنّه يزيد على [كبر] السنّ خيرا»[76].

وثانيا: النّصوص التي حددت الخميس الأخيرة من الشهر، وهذا النّص الذي أشار إلى أفضلية الخميس الثاني، كلّه حال كون الخميسين متعينين ضمن الثالثة، والمحكي «عن ابن أبي عقيل الفتوى به [بخبر الصّدوق]، لإمكان حمله على كون الثّاني يوم الثلاثين من الشهر، وحينئذ فيستحب صوم الأول، لاحتمال النقص في الشهر»[77]، وعلى هذا، فإنّ ابن عقيل (رحمه الله) كان ملتفتا لعدم تنافي المرسلة مع الأخبار التي حددت الخميس بآخره، فمن حيث فتواه بمطلق الخميس موافقا للمشهور، وتقديم الخميس الأول –كما في النص- حال الخوف من عدم لحوق الثاني، لاحتمال عدم الحصول عند احتمال نقصان الشّهر، أو لاحتمال عدم التحصّل عند احتمال الموت.

ومنه يتضح عدم الوجه لما عن ابن إدريس من أنّه إذا «اتفق خميسان، فالخميس الأخر منهما هو المؤكد صيامه دون الأوّل، فإن جاء الشهر ناقصاً فلا شيء عليه»[78]، إذ «لا يخفى عدم دلالة ما في الفقيه، على استحباب التعجيل في الخميس الأول عند اجتماع الخميسين في العشر الأخير مطلقا، لما في قوله: «فَلَعَلَّكَ لَا تَلْحَقُ‏ الثَّانِيَ‏»[79]، وحمله على لحوق الثاني بطرو قبل لحوقه بعيد حيث انه لا يوجب تقديم ما يستحب التأخير، اللهم إلا أن يحمل على جواز التقدم، فيكون المرسل أيضا دليلا عليه، وهو أيضا لا يخلو عن البعد.

والأولى حمله على ما إذا كان الخميس الثاني يوم الثلاثين من الشهر، واحتمل نقصان الشهر، وكان الخميس الثاني الخميس الأول في الشهر الذي بعد هذا الشهر، فإنه حينئذ يفوته الخميس في العشر الأخير، فيصح القول بتقديم الخميس الأول معللا بأنه لعله لا يلحقه.

وقال في الوافي: الخميس الثاني في نفسه أفضل، والخميس الأول بهذه النية، أي: بقصد أنّه لعله لا يلحقه الثاني، يصير أفضل، فأفضلية كل منهما من جهة غير جهة الأخر، انتهى. وما أفاده جيد ومرجعه إلى مراعاة الاحتياط في إدراك فضيلة صوم الخميس الأخير»[80].

 

القول الثالث: لابن أبي عقيل [العمانيّ]، وهو تخصيص الأربعاء بالأخير من العشر الأوسط، فقد حكى العلامة عنه أنّه قال: «الخميس الأول من العشر الأول، والأربعاء الأخير من العشر الأوسط، وخميس من العشر الأخير»[81].

وقوله مخالف في تخصيص الأربعاء بالأخيرة من العشر الأوسط وإطلاق الخميس في العشر الأخيرة.

قال الميرزا القمي: «ولم نقف على مستنده»[82].

وقال الباحث: بل المستند على خلافه، وقد تقدم في الطائفة الرابعة عن المفيد من كون الأربعاء هي: «أَرْبِعَاءَ فِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ مِنْهُ، وَهُوَ أَقْرَبُ‏ إِلَى‏ النِّصْفِ‏ مِنَ الشَّهْرِ، وَرُبَّمَا كَانَ النِّصْفُ بِعَيْنِهِ، وَآخِرَ خَمِيسٍ فِي الشَّهْرِ»[83]، واحتمالية أن تكون الأربعاء نصف الشّهر بعينه، مُشعرة بأنّ المراد من أربعاء العشرة الوسطى هي ما كانت قبل النّصف لا بعده.

ومن نفس الطائفة عَنِ ابنِ حيّون الْمَغْرِبيّ، هي: «الْأَرْبِعَاءُ الَّذِي يَكُونُ أَقْرَبَ إِلَى نِصْفِ الشَّهْرِ»[84]، فإنّ حمل معنى الأقربية إلى النّصف على ما ما بعده وإن كان محتملا إن كانت الأربعاء البعدية أقرب من القبلية، كما لو كانت الأربعاء الأولى يوم الحادي عشر والثانية يوم الثامن عشر، فإنّ الثامنة عشر أقرب إلى النّصف من الحادية عشرة، إلاّ أنّ الاشعار المتقدم، وروايات الطائفة الخامسة يمنعان هذا الاحتمال، فإنّ الطائفة الخامسة تؤكد على أنّ الأربعاء هي الوسطى الأولى من العشرة، فخبريها بنقل الكليني والصدوق صريحان في أنّ الأربعاء الوسطى هي: «أَوَّلُ‏ أَرْبِعَاءَ بَعْدَ الْعَشْرِ مِنْهُ»[85].

 

القول الرابع: لأبي الصّلاح الحلبي، فقد أطلق في خميس العشر الأول، وأربعاء الثاني، وخميس الثالث، قال (رحمه الله): «والمسنون على ضروب: منها: صوم ثلاثة أيام في كل شهر: خميس في أوله، وأربعاء في وسطه، وخميس في آخره»[86].

وقال في بيان أفضل ضروب الصيام: «أفضل الصوم: ثلاثة أيام في كل شهر: خميس في أوله وأربعاء في وسطه وخميس في آخره»[87].

وقال الميرزا القمّي: «ظاهره الإطلاق في العشرات الثلاث من دون اعتبار الأوّل من كلّ من الأُوليين، والآخر في الأخيرة»[88]، إلاّ أنّ الأظهر تخصيص الإطلاق في العشرة الوسطى دون الأخرتين.

وكيف كان، سواء كان الإطلاق فيها أو في الجميع، فيحتمل أن يكون مستنده الطائفة الثالثة من الروايات، وتُحمل على المفصّل في الطائفة الرابعة والخامسة.

 

القول الخامس: لابن الجنيد الإسكافيّ، وهو شهر بالأول وشهر بالثاني، فقد حكى العلامة عنه قوله: «الذي يستحب عند أهل البيت (عليهم السلام) المواظبة عليه من صام التطوع، أما أربعاء بين خميسين في كل شهر أول خميس فيه، وأقرب أربعاء ثبت كذلك، ثم يعود إلى أربعاء بين خميسين شهر وشهر»[89].

ويدلّ على ما ذهب إليه، ما رواه الطّوسيّ قَالَ: وَالَّذِي رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عِمْرَانَ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ زُرْعَةَ، عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: «سَأَلْتُهُ عَنْ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ؟ فَقَالَ: فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَوْمٌ: خَمِيسٌ، وَأَرْبِعَاءُ وَخَمِيسٌ‏، وَالشَّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ: أَرْبِعَاءُ وَخَمِيسٌ‏ وَأَرْبِعَاءُ»[90].

وقد تنظّر العلامّة في الخبر من جهتين: الأولى: ضعف إسناده، والثانية: إضماره، فقال: «إنّ في سنده ضعفا، ومع ذلك فأبو بصير لم يسندها إلى إمام»[91]، ولذا ينبغي التوقف لدراسة الخبر سندا ودلالة.

أما سندا فالبحث في نقاط:

الأولى: إنّ إسناد المضمرة بحسب رواية الطوسي في (التّهديب) هو ما ذُكر، وكذا نقله عن التّهذيب كلّ من: الكاشاني في (الوافي)[92]، والمجلسي في (ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار) [93].

وأما إسناد الطوسي في (الاستبصار)[94] فهكذا: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ بنِ عِمْرَانَ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ زُرْعَةَ، عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، وكذا ذكره العامليّ في (الوسائل)[95] والسيد البروجردي في (جامع أحاديث الشيعة)، وقد نصّ الأخير على أنه نقله من التهذيب والاستبصار[96]، وقد ذهب السيّد الخوئي إلى أنّ هذا الاسناد، «هو الموافق لنسخة من الطبعة القديمة من التهذيب»[97].

الثانية: أنّ الحسين بن محمد هذا، مشترك، والتمييز إنما هو بالراوي والمروي عنه[98]، وقد ذهب السّيد الخوئي في ترجمة الحسين بن محمد إلى أنّه متحد مع الحسين بن محمد الأشعري والحسين بن محمد بن عامر الأشعري، من مشايخ الكليني[99].

ولعلّ قوله باتحادهما راجع لما في كتاب الشيخ في رجال من لم يرو عن الأئمة (عليهم السلام): «الحسين بن أحمد بن عامر الأشعري، يروي عن عمه عبد الله بن عامر عن ابن أبي عمير، روى عنه الكليني»[100]، فهنا عمّه ميزه عن غيره.

وذهب أيضاً إلى أنّ الحسين بن محمد بن عامر الأشعري متحد أيضاً مع «الحسين بن محمد بن عمران بن أبي بكر، من مشايخ الكليني (قدس سره) يروي عنه كثيرا، وهو الحسين بن محمد ابن عمران بن أبي بكر الأشعري القمي، الثقة»[101].

إن قلتَ: كيف يكونان متحدين وأحدهما بن عامر والآخر بن عمران؟

قيلَ: المغايرة لاختلاف النّسبة إلى جده عامر تارة، وأخرى إلى أبيه عمران، وهذا ما يُمكن تمييزه من خلال ترجمة عمّه أيضا، فالنّجاشي عرفه قائلا: «عبد الله بن عامر بن عمران بن أبي عمر الأشعري أبو محمد شيخ من وجوه أصحابنا، ثقة»[102].

واتحاد ابن عامر مع ابن عمران ذكره المجلسي الأول أيضاً على نحو الاحتمال، فقد نقله عنه ولده العلامة المجلسي قوله: «والحسين بن محمد يمكن أن يكون ابن عمران الأشعري، ويحتمل أن يكون ابن عامر، ويحتمل اتحادهما، وربما يفهم ذلك من النجاشي عند عبد الله بن عامر»[103].

ومما ذُكر يتبين عدم الإشكالية في الإسناد لا من جهة موثوقية الأشعري، ولا من جهة تغاير الإسنادين، بل أصوبية إسناد نسختي الاستبصار والتهذيب القديمة على نسخة التهذيب المتداولة.

الثالثة: محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران بن عبد الله بن سعد بن مالك الأشعري القمي أبو جعفر، وثقه كلّ من النّجاشي[104] والعلامة[105].

والحسين الأشعري القمّي تقدم ذكره وقد وثقه العلامة [106].

وزُرعة إذا ذُكر على نحو الإطلاق أُريد به زُرعة بن محمد الحضرمي، وقد وثقه النّجاشي[107] والعلامة[108].

وسماعة بن مهران الذي وثّقه النّجاشي[109] والعلامة[110] بما فوق التوثيق.

وأبو بصير، يحيى بن القاسم الحذاء فمختلف فيه، إلاّ أنَّ العلامة ذهب إلى فساد مذهبه والعمل بروايته[111].

فالسند لا بأس به حتى وفق رجال العلامة، ولذا وصفه المجلسي الأوّل بالموثق[112].

وأمّا دلالة فظاهرها دالّ على ما ذهب إليه ابن الجنيد، ولكن لا منافاة بينه وبين ما تقدم لامكانية اعتباره ضربا من ضروب الصيام المندوب، والذي قد تتداخل مع ضرب آخر من الصيام دون الحاجة للقول بالتخيير بينهما كما ذهب إليه الطوسي –كما سيأتي بيانه-.. لا موجب للتخيير مع إمكان اعتباره ضربا آخر، كضروب الصيام الأخرى المستحبة في كلّ شهر، والمؤمن مخيّر بين ضرب صيام أربعاء بين خميسين، أو ضرب صيام أربعاء بين خميسين في شهر وخميس بين أربعائين في شهر، أو ضرب صيام أيام البيض، أو غير ذلك من أنواع الضروب.

وهذا الضرب المستقل عبارة عن عملية جمع بين ضربي: أربعاء بين خميسين، وخميس بين أربعائين، كلّ واحد منهما في شهر، بل يمكن أن يجمع بينهما عملا بخبر إسماعيل بن داود. والجمع بين الضربين يكون عبر نية الضربين في شهر، والجمع بينهما بصيامهما في شهر آخر.

ويؤيده كونه ضربا مُستقلا:

أولاً: أنّ خبر أبي بصير، فقد جعل ضرب الأربعاء بين خميسين في عرض ضرب الإثنين والأربعاء والخميس.

وثانياً: أنّ خبر سليمان ابن داود –الذي استند إليه الطوسي- في تخييره، قد ذكر ضرب: الخميس بين أربعائين في عرض ضرب: الأربعاء والخميس والجمعة، وضرب: الأربعاء بين خميسين، وأنّه لا بأس بأيّ من هذه الضروب.

 

القول السادس: لأبي جعفر الطوسيّ، وهو التخيير بين أربعاء بين خميسين، وخميس بين أربعاءين، فقد حمل الشّيخ الطّوسيّ ما استند إليه ابن الجنيد على التخيير، استنادا إلى ما عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْمَدَائِنِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلامُ) عَنِ الصِّيَامِ؟ فَقَالَ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ: الْأَرْبِعَاءُ، وَالْخَمِيسُ، وَالْجُمُعَةُ. فَقُلْتُ: إِنَّ أَصْحَابَنَا يَصُومُونَ أَرْبِعَاءَ بَيْنَ خَمِيسَيْنِ؟ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَلَا بَأْسَ بِخَمِيسٍ بَيْنَ أَرْبِعَاءَيْنِ»[113].

والخبر من جهة السّند قد وصفه المجلسي الأوّل بالقوي[114]، بينما المحقق السبزواري قد قال: فيه جهالة[115].

 وبيان ذلك أنّ محمد بن أحمد بن يحيى، ثقة تقدم ذكره. وأما موسى بن جعفر المدائنيّ فقد استظهر السّيد الخوئي أنّه موسى بن جعفر البغدادي، بدعوى أنّ المدائن من توابع بغداد، وأكد ذلك بأنّ الراوي عن هذا محمد بن أحمد بن يحيى، وهو الذي روى كتاب موسى بن جعفر البغدادي[116].

وذهب أيضاً إلى أنّ موسى بن جعفر البغدادي متحد مع موسى بن جعفر بن وهب البغدادي[117].

وقال التستري: «وزعم الجامع اتّحاده مع “البغدادي” لاتّحاد راويه، لكن يمكن أن يكون محرّف “موسى ابن جعفر، عن المدائني” ففي موت الموصى له من الكافي: موسى بن جعفر، عن عمرو بن سعيد المدائني»[118].

وكيف كان، فموسى بن جعفر المدائني، وفق جميع الاحتمالات مجهول الحال، نعم يمكن توثيقه وفق بعض المباني الآتية على فرض اتحاده مع موسى بن جعفر البغدادي:

الأول: عدم استثناء رواياته من روايات محمد بن أحمد بن يحيى، قال المحقق السبزواري: «موسى بن جعفر البغدادي وهو غير موثق لكنه لم يستثن فيما استثنى من رجال نوارد الحكمة، ولعل في ذلك إشعار بحسن حاله»[119].

وقال العلوي: «وفى الفهرست أن محمّد بن احمد بن يحيى يروى عنه كتابه وعلى هذا فعدم استثناء محمّد بن الحسن بن الوليد إيّاه من رجال نوادر الحكمة دليل جلالته وحسن حاله انتهى ما أفيد، ومن ههنا اندفع ما قيل: أنّ موسى بن جعفر مهمل في الرّجال»[120].

الثاني: وروده في أسانيد كامل الزيارات[121].

الثالث: باعتباره صاحب كتاب، قال الطوسيّ: «موسى بن جعفر البغدادي له كتاب، أخبرنا به جماعة، عن أبي جعفر بن بابويه، عن أبيه ومحمد ابن الحسن، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عنه»[122].

الرابع: أصالة العدالة الجارية في المجهول الفقاهتي، الذي لم يذكر اسمه في كتب الرجال أو ذكر اسمه من غير مدح أو ذم. قال الطوسي: «الأصل العدالة حتى يعرف غيرها»[123].

وبعض هذه المباني وإن كان محلّ نظر، إلاّ أنّ ضم بعضها إلى بعض، وتوافق الجميع في النتيجة، قد يوجب الاطمئنان بحال الرّاوي.

وأما إبراهيم بن إسماعيل بن داود، فقد ذكر النّمازي بأنّه: «من أصحاب الرضا (صلوات الله عليه)»[124]، ولم أعرف وجها لهذا الوصف سوى روايته لخبر محلّ البحث عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فهو من المجاهيل.

ووصف المجلسي الأول الخبر بالقوي مع جهالة بن داود أو جهالته مع من قبله، تبعا لمسلك من ميّز بين مجهول الحال والضعيف، فقد قال في “روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه”: «ونحن ميزنا في هذا الكتاب المجهول الحال من الضعيف، وإن كان المعروف بين الأكثر عدم الفرق. وبعضهم يسمي المجهول بالقوي ويعمل به، بناء على أن الأصل العدالة، أو على أن العلم بالفسق مانع من القبول لقوله تعالى: ﴿إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾[125]، والأكثر على أن الفسق مانع ، بناء على أن الألفاظ وضعت للمعاني الواقعية وإن كان التكليف بحسب ظن الراوي فلا يحصل ظن عدم المانع إلا بظن العدالة، وإن كان يمكن أن يقال: إن الإيمان والإسلام يكفي في ظن عدم الفسق»[126].

وكيف كان، فقد قال الطّوسي عن دليل الإسكافيّ: أنّه «لَيْسَ بِمُنَافٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْأَخْبَارِ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَصُومَ أَرْبِعَاءَ بَيْنَ خَمِيسَيْنِ أَوْ خَمِيساً بَيْنَ أَرْبِعَاءَيْنِ، وَعَلَى أَيِّهِمَا عَمِلَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي‏ هَذَا الصَّوْمِ التَّنَفُّلُ وَالتَّطَوُّعُ، فَكَيْفَ فِي تَرْتِيبِهِ وَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مَا رَوَاهُ»[127].

ويعضّد رأيه في التخيير ما رواه عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: «سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَلامُ) عَنْ صَوْمِ السُّنَّةِ؟ فَقَالَ: صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ: الْخَمِيسِ وَالْأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ، يَذْهَبْنَ بِبَلَابِلِ الْقَلْبِ، وَوَحَرِ الصَّدْرِ، الْخَمِيسِ وَالْأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ، وَإِنْ شَاءَ الْإِثْنَيْنَ وَالْأَرْبِعَاءَ وَالْخَمِيسَ. وَإِنْ صَامَ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَوْماً، فَإِنَّ ذَلِكَ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ فَلْيَزِدْ»[128].

وظاهر الطوسي (رحمه الله): التّخيير المطلق، وربما لهذا أُفرد في بعض كلمات الأعلام رأيه عن رأي المشهور، بينما قد يظهر أنّ الكيفية الأولى من صيام الثلاثة هي الآكد عنده من خلال سائر كلماته.. قال (رحمه الله) في “الاقتصاد”: «وأما المندوب من الصوم فجميع أيام السنة إلا العيدين وأيام التشريق لمن كان بمنى، إلا أن بعضه أفضل من بعض: منها: صوم ثلاثة أيام في كل شهر: أول خميس في العشر الأول، وأول أربعاء في العشر الثاني، وآخر خميس في العشر الأخير»[129].

وقال في “المبسوط”: «وأما المسنون: فجميع أيام السنة إلا الأيام التي يحرم فيها الصوم غير أن فيها ما هو أشد تأكيدا وأكثر ثوابا مثل ثلاثة أيام من كل شهر أول خميس في العشر الأول، وأول أربعا في العشر الثاني، وآخر خميس في العشر الأخير»[130].

هذا ظاهر كلامه، وقد صرح بالتخيير في تهذيب الأحكام فقط[131].

وقد تبعه بالتخيير وأفضلية الأول عدد من الفقهاء، من أمثال كل من يوسف آل عصفور (رحمه الله)، قال: «وكيف كان فالفضل المؤكد إنما هو في الصورة المشهورة التي استفاضت بها الأخبار وكان عليها عمل الرسول صلى الله عليه وآله في حياته إلى أن مات والأئمة ( عليهم السلام) من بعده وإن جاز العمل بما دل عليه الخبران المذكوران ، بل ظاهر رواية أبي بصير الأخرى المتقدمة أنه يجزئ الاتيان في كل عشرة بيوم كائنا ما كان»[132].

وكذلك حسين آل عصفور (رحمه الله)، قال: «ومندوب، وهو جميع أيام السنة إلا ما استثني منها لتحريمه أو كراهته، والمؤكد السنة التي دام عليها النبي (صلى الله عليه وآله وسلَّم)، وهي: أول خميس من كل شهر، وآخر خميس منه، وأول أربعاء من العشر الثاني. وجاء أول أربعاء، وآخر أربعاء، وأول خميس من العشر الثاني. والجمع بالتخيير حسن، إلا أنّ الأول أفضل، وصوم شعبان تاما»[133].

يقول الباحث: لا وجه للتّخيير بينهما بعد أن تبيّن كونه ضربا آخر، نعم يُمكن التّخيير في أصل الإتيان مع أفضلية ضرب أربعاء بين خميسين على غيره من الضروب، ووجه الأفضلية ما يلي:

أولاً: ضعف خبري أبي بصير وإسماعيل بن داود.

ثانياً: شذوذ ضرب: خميس بين أربعائين.

ثالثاً: مخالفة ضرب: خميس بين أربعائين للأخبار الكثيرة الواردة في ضرب: الأربعاء بين خميسين من كلّ شهر، وجعله ضربا خاصا أرجح من تخصيصه بشهر دون شهر.

رابعاَ: موافقة ضرب: خميس بين أربعائين للشّهرة الفتوائية.

خامساً: موافقة ضرب: خميس بين أربعائين للأخبار المعللة لاستحباب صيام الأربعاء، وأنّه اليوم الذي خُلقت فيه النّار، وأنّه اليوم الذي ينزل فيه العذاب على الأمم السابقة، وقد أشارت تصريحا أو مفهوما إلى أنه الأربعاء الأوسط من الشّهر وليس مُطلق الأربعاء.

سادسا: روايات الأحكام الخاصة بهذه الثلاثة كحكم اجتماع خميسين في أول شهر، وغير ذلك مما يمكن حمل الثلاثة أيام فيها على الثلاثة التي تكثرت الأخبار فيها كقدر متيقن، يزيد من تأكيد الشارع عليها، وقد قال المجلسيّ الأوّل (رحمه الله تعالى): «ويدل على استحباب رعاية هذه الأيام كالواجب في عدم المجادلة والسفاهة والحلف بالله كاذبا أو الأعم كما ورد لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين وفي تحمل سفاهة السفهاء»[134].

 

نتيجة البحث:

فالمتعين هو أنّ صيام ثلاثة أيام من كلّ شهر: أربعاء بين خميسين، وفق رأي المشهور، هو ضرب من ضروب الصوم المستحب، بل آكده وأفضله.

والحمدُ للهِ أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، وصلّى الله على خير خلقه محمد وآله المنتجبين.

 

 

[1]. الكافي للكليني : 3 / 42 ح4.

[2]. البقرة : 184.

[3]. البقرة : 21.

[4]. الأمالي للصدوق : 551 ح2.

[5]. الكافي للكليني : 4 / 63 ح5.

[6]. البلابل، هي: الهموم والأحزان. وبلبلة الصدر : وسواسه.

[7]. الأصول الستة عشر لمجموعة من العلماء : 221 ح227.

[8]. الأصول الستة عشر لمجموعة من العلماء : 622 ح262.

[9]. قرب الإسناد للحميري : 75 ح243.

[10]. معاني الأخبار للصدوق : 203 ح1.

[11]. الأنعام : 160.

[12]. تفسير العياشي للعياشي : 1 / 386 ح136.

[13]. الأنعام : 160.

[14]. تفسير العياشي للعياشي : 1 / 386 ح134.

[15]. تفسير العياشي للعياشي : 1 / 387 ح141.

[16]. الأول في ثوابُ الأعمالِ وعقابِ الأعمالِ للصّدوقِ: 80، والثاني في فضائل الأشهر الثلاثة للصّدوقِ: 97 ح83.

[17]. عيون أخبار الرضا (ع) للصّدوقِ : 2 / 184 ح7.

[18]. الكافي للكليني: ‏4 / 88 ح4.

[19]. الأصول الستة عشر لمجموعة من العلماء (كتاب زبد الزّرّاد) : 126 ح18.

[20]. تحف العقول لابن شعبة الحرّاني : 102.

[21]. تحف العقول لابن شعبة الحرّاني : 113.

[22]. الخصال للصّدوق : 2 / 612 ح10.

[23]. الأنعام : 160.

[24]. تفسير العياشي للعياشي : 1 / 386 ح135.

[25]. وسائل الشّيعة للعاملي : 10 / 428 ح13766.

[26]. البرهان في تفسير القرآن للبحراني : 2 / 505 ح3756.

[27]. الأنعام : 160.

[28]. الكافي للكلينيّ : 4 / 92 ح7.

[29]. ثوابُ الأعمالِ وعقابِ الأعمالِ للصّدوقِ : 80.

[30]. الكافي للكلينيّ : 4 / 90 ح2.

[31]. ثوابُ الأعمالِ وعقابِ الأعمالِ للصّدوقِ : 80. و من لا يحضره الفقيه للصّدوقِ : 2 / 84 ح1796.

[32]. عيون أخبار الرّضا (ع) للصّدوق : 2 / 124 ح1.

[33]. البلابل: الوساوس.

[34]. الأنعام : 160.

[35]. الكافي للكلينيّ : 4 / 92 ح6.

[36]. الأنعام : 160.

[37]. الأماليّ للصّدوقِ : 587 ح10.

[38]. الأنعام : 160.

[39]. في بحار الأنوار للمجلسي: 94 / 103 ح38: «وَيُمْسِي».

[40]. تفسير العياشي للعياشي : 1 / 387 ح142.

[41]. الكافي للكلينيّ : 4 / 93 ح9.

[42] ( 3) كذا موقوفا.

[43]. الكافي للكلينيّ : 4 / 91 ح7.

[44]. الكافي للكلينيّ : 4 / 90 ح3.

[45]. ثوابُ الأعمالِ وعقابِ الأعمالِ للصّدوقِ : 79.

[46]. وسائل الشّيعة للعامليّ : 10 / 426 ح13761.

[47]. المقنعة للمفيد : 367.

[48]. دعائم الإسلام لابن حيّون المغربيّ : 1 / 283.

[49]. في بعض النسخ‏: [صَوْمُ الدَّهْرِ].

[50]. الكافي للكلينيّ : 4 / 89 ح1.

[51]. ثوابُ الأعمالِ وعقابِ الأعمالِ للصّدوقِ : 80.

[52]. الكافي للكلينيّ : 4 / 93 ح10.

[53]. ثوابُ الأعمالِ وعقابِ الأعمالِ للصّدوقِ : 80.

[54]. ثوابُ الأعمالِ وعقابِ الأعمالِ للصّدوقِ : 81.

[55]. مجمع الفائدة والبرهان للأردبيلي : 5 / 181.

[56]. الدروع الواقية لابن طاووس : 58.

[57]. الكافي للكلينيّ : 4 / 94 ح11.

[58]. ثوابُ الأعمالِ وعقابِ الأعمالِ للصّدوقِ : 80. ومن لا يحضره الفقيه للصّدوقِ : 2 / 83 ح1790.

[59]. الكافي للكلينيّ : 4 / 94 ح12.

[60]. المقنعة للمفيد : 368.

[61]. المهذب لابن البرّاج : 1 / 188.

[62]. غنية النزوع لابن زهرة الحلي : 148.

[63]. النهاية للطوسي ونكتها للمحقق الحلي : 1 / 413.

[64]. إشارة السّبق لأبي المجد الحلي : 121.

[65]. إرشاد الأذهان للعلامة الحلي : 1 / 200.

[66]. منهى التذكرة للعلامة الحلي : 9 : 350-352.

[67]. الدّر المنضود لابن طي الفقعاني : 62.

[68]. غاية المراد في شرح نكت الإرشاد للشهيد الأول : 1 / 329. والروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية للشهيد الثاني : 2 / 133.

[69]. الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية للشهيد الثاني : 2 / 133.

[70]. جامع المقاصد للمحقق الكركي : 3 / 85.

[71]. الرسائل العشر لابن فهد الحلي : 191.

[72]. من لا يحضره الفقيه للصّدوق : 2 / 85 ح1799.

[73]. الكافي للكلينيّ : 4 / 94 ح13.

[74]. معجم رجال الحديث للسيّد الخوئي: 8 / 329.

[75]. امن لا يحضره الفقيه للصّدوق: ‏2 / 83 ح1792.

[76]. من لا يحضره الفقيه للصّدوق: ‏4 / 431.

[77]. جواهر الكلام للجواهري : 17 / 91.

[78]. الكافي للكلينيّ : 4 / 94 ح13.

[79]. من لا يحضره الفقيه للصّدوق : 2 / 85 ح1799.

[80]. مصباح الهدى في شرح عروة الوثقى للآملي : 9 / 53.

[81]. مختلف الشيعة للعلامة الحليّ : 3 / 510 مسألة: .

[82]. غنائم الأيام في مسائل الحلال والحرام للميرزا القمّي : 6 / 57.

[83]. وسائل الشّيعة للعامليّ : 10 / 426 ح13761.

[84]. دعائم الإسلام لابن حيّون المغربيّ : 1 / 283.

[85]. الكافي للكلينيّ : 4 / 89 ح1. وثوابُ الأعمالِ وعقابِ الأعمالِ للصّدوقِ : 80.

[86]. الكافي في الفقه لأبي الصلاح الحلبي : 180.

[87]. الكافي في الفقه لأبي الصلاح الحلبي : 189.

[88]. غنائم الأيام في مسائل الحلال والحرام للميرزا القمّي : 6 / 52.

[89]. مختلف الشيعة للعلامة الحليّ : 3 / 510.

[90]. تهذيب الأحكام للطّوسي : 4 / 303 ح917.

[91]. مختلف الشيعة للعلامة الحلي : 3 / 512..

[92]. الوافي للفيض الكاشاني: 11 / 50 ح10392.

[93]. ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار للمجلسي: 7 / 122 ح5.

[94]. الاستبصار للطوسي: 2 / 137 ح447.

[95]. وسائل الشيعة للحر العاملي –آل البيت (ع)-: 10 / 429 ح13769.

[96]. جامع أحاديث الشيعة للسيد البروجردي: 9 / 394 ح1179.

[97]. معجم رجال الحديث للسيد الخوئي: 7 / 76 رقم: 3609.

[98]. معجم رجال الحديث للسيد الخوئي: 7 / 76 رقم: 3609.

[99]. معجم رجال الحديث للسيد الخوئي: 7 / 79 رقم: 3610.

[100]. الأبواب (رجال الطوسي) للطوسي: 434 رقم: 6106.

[101]. معجم رجال الحديث للسيد الخوئي: 7 / 83 رقم: 3625.

[102]. فهرست اسماء مصنفي الشيعة (رجال النجاشي) للنّجاشي: 218 رقم: 570.

[103]. ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار للمجلسي: 1 / 452.

[104]. هرست اسماء مصنفي الشيعة ( رجال النجاشي ) للنّجاشي: 218 رقم: 570.

[105]. خلاصة الأقوال للعلامة الحلي: 247.

[106]. خلاصة الأقوال للعلامة الحلي: 119.

[107]. فهرست أسماء مصنفي الشيعة (رجال النّجاشي) للنّجاشي: 248 رقم: 939.

[108]. خلاصة الأقوال للعلامة الحلي: 256.

[109]. فهرست أسماء مصنفي الشيعة (رجال النّجاشي) للنّجاشي: 192 رقم: 517.

[110]. خلاصة الأقوال للعلامة الحلي: 250.

[111]. خلاصة الأقوال للعلامة الحلي: 417.

[112]. روضة المتقين لمحمد تقي امجلسي: 3 / 245.

[113]. تهذيب الأحكام للطّوسي : 4 / 304 ح918.

[114]. روضة المتقين لمحمد تقي المجلسي: 3 / 245.

[115]. ذخيرة المعاد للسبزواري : 1 / 518.

[116]. معجم رجال الحديث للسيد الخوئي: 20 / 40 رقم: 12778.

[117]. معجم رجال الحديث للسيد الخوئي: 20 / 37 رقم: 12771.

[118]. قاموس الرجال للتستري: 10 / 274 رقم: 7803.

[119]. ذخيرة المعاد للمحقق السبزواري: 1 / 191.

[120]. منهاج الأخيار في شرح الإستبصار للعلوي العاملي: 1 / 85.

[121]. كامل الزيارات لابن قولويه: 378 ح624.

[122]. الفهرست للطوسي: 343 رقم: 719.

[123]. المبسوط للطوسي: 8 / 92.

[124]. مستدركات علم رجال الحديث للنمازي: 1 / 135.

[125]. الحجرات: 6.

[126]. روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه لمحمد تقي المجلسي: 1 / 29.

[127]. تهذيب الأحكام للطّوسي : 4 / 303..

[128]. تهذيب الأحكام للطّوسي : 4 / 303 ح915.

[129]. الإقتصاد للطوسي : 292.

[130]. المبسوط للطوسيّ : 1 / 282.

[131]. تهذيب الأحكام للطّوسي : 4 / 303..

[132]. الحدائق الناضرة للبحراني : 13 / 351. .

[133]. سداد العباد ورشاد العباد لحسين آل عصفور : 233.

[134]. روضة المتقين للمجلسيّ الأوّل : 3 / 238.



التعليقات

إرسال تعليقاتكم واقتراحاتكم

أسمك الكريم:

بريدك الإلكتروني:

رسالتك: